أخبار وتقارير

جدل محلي وإقليمي بعد “مراسيم” تشييع حسين بدر الدين وظهور أفراد من تياره بأزياء عسكرية

يمنات – الأولى

أثار التشييع المليوني لجثمان زعيم ومؤسس تيار "أنصار الله" حسين بدر الدين الحوثي، الأربعاء الماضي، ردود فعل محلية وإقليمية، اتخذت في معظمها طابعا هجوميا لما تصفه بـ"معالم دولة" ظهر خلال التشييع أن قيادة التيار تسعى لإقامتها في صعدة وعدد من المحافظات، وهو ما ينفيه الحوثيون باستمرار.

واستوقفت صور لمسلحين وغير مسلحين بزي عسكري، كانوا يتولون حماية وتنظيم الفعالية، إضافة إلى مشاهد المراسيم التي حمل خلالها شبان بزي عسكري، تابوت الجثمان، ودخلوا به إلى ساحة الصلاة، عبر بساط أحمر؛ استوقفت الكثير من وسائل الإعلام المحلية والإقليمية، التي اعتبرت كل ذلك دلائل على مشروع "حوثي" متوازٍ مع الدولة اليمنية، بينما اكتفت ردود الفعل المعتدلة بطرح أسئلة قالت إن على "الحوثيين" الرد عليها بشأن هذه "المظاهر العسكرية".

وتناولت وسائل إعلام حزبية، في اليمن، الحدث باعتباره دليلا على "الدولة الحوثية"، وقالت مواقع إخبارية تتبع التجمع اليمني للإصلاح، المنافس السياسي والمذهبي لـ"أنصار الله"، إن التشييع يؤكد "امتلاك الحوثيين لجيش كامل"، وهو ما رددته أيضا وسائل إعلام خليجية عديدة.

وذهبت صحيفة "السياسة" الكويتية إلى القول إن "بإمكان جماعة الحوثي المسلحة في شمال اليمن، أن تعلن عن إقامة دولة إقليمية مستقلة عن الحكومة اليمنية، في 4 محافظات يمنية بشمال اليمن، بعد يومين على ظهورها القوي في موكب تشييع مؤسس الجماعة حسين الحوثي بصعدة".

ونقلت الصحيفة عن مصادر يمنية, الخميس, اتهامات بأن "الحوثيين دربوا ميليشيات عدة تستطيع أن تقارع جيش دولة، وتجعل محافظات صعدة والجوف وعمران وحجة التي يسيطرون عليها، إقليما مستقلا بذاته، على غرار سيطرة حزب الله على جنوب لبنان، موضحة أن عدد أتباع الحوثي يتجاوز حاليا نصف مليون شخص، غالبيتهم مقاتلون"، حسب تعبير الصحيفة.

كما ادعت الصحيفة أن "220 خبيراً إيرانياً وعراقيا ومن حزب الله، وآخرين ضباطا متقاعدين من الجيش اليمني، تولوا عملية تدريب المقاتلين الحوثيين في مناطق عدة بمحافظة صعدة وغيرها, بعد أن بات لهم معمل لصناعة القنابل والألغام المحلية والمتفجرات، إضافة إلى ما يمتلكونه من أسلحة ثقيلة كانوا قد سيطروا عليها خلال الحروب الـ6 ضد قوات الجيش".

غير أن الناطق باسم ممثلي تيار "أنصار الله" (الحوثيين) في مؤتمر الحوار الوطني، علي البخيتي، سخر من هذه المزاعم، وقال في صفحته في "فيسبوك" في معرض نفي وجود جيش نظامي مع جماعته، والأحاديث عن كون صعدة "خارج الدولة"؛ إن "هناك 8 ألوية عسكرية مدرعة داخل صعدة, وهناك أمن سياسي وبحث جنائي وأمن عام وشرطة عسكرية وأمن مركزي وشرطة نجدة واستخبارات عسكرية وغيرها من الأجهزة الأمنية والعسكرية" الحكومية، حسب تعبيره. مشددا على أن ذلك يعني وجود الدولة اليمنية داخل المحافظة.

ومن جانبه، نفى نائب السفير الإيراني في صنعاء، مرتضى عابدي، ما أوردته صحيفة "السياسة" الكويتية بشأن وجود خبراء إيرانيين لتدريب الحوثيين، وقال عابدي لـ"الأولى": "إن هذه الادعاءات محض افتراءات وأكاذيب"، مضيفا أنها "ادعاءات ليست جديدة، وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها صحف خليجية مثل هذه الادعاءات"، حد قوله.

مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الدراسات الاستراتيجية والبحث العلمي، فارس السقاف, اعتبر أن الزي العسكري الذي ظهر به بعض أفراد الحوثيين في التشييع، هو أقرب إلى زي "الكشافة".

وقال السقاف للصحيفة الكويتية نفسها: "إن "الزي العسكري الذي ظهرت به ميليشيات الحوثي في التشييع، كان أقرب إلى زي الكشافة, لكن آخرين نظروا إلى الأمر من باب المقاربة إلى زي الحرس الثوري ومقاتلي حزب الله".

واستبعد ما ذهب إليه البعض من أن تشييع حسين الحوثي كان بمثابة إعلان غير رسمي لميلاد دولة إمامية شيعية في شمال الشمال، وقال إنهم "من خلال الحشد المليوني الذي حشدوه في تشييع زعيمهم المؤسس حسين بدر الدين الحوثي، أول من أمس, أوصلوا رسائل عدة إلى الداخل والخارج، منها أنهم باتوا قوة كبرى وعنصرا مهما في المعادلة السياسية اليمنية لا يمكن تجاوزها في المرحلة المقبلة (…)، كما أنهم أرادوا القول بأننا سنبقى قوة لا تتأطر في حزب أو جمعية أو منظمات مجتمع مدني, إنما نحن فكرة لا يمكن قياسها أو محاسبتها أو إخضاعها لأي من القوانين".

ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية عن السقاف قوله إن هذا الأمر "يقتضي عمل حسابات لجماعة الحوثي في الدولة والتسوية السياسية خلال المرحلة الانتقالية وما بعد المرحلة الانتقالية", مضيفاً أن "الحوثيين جماعة وقوة موجودة ومعتبرة ومحسوبة، ويجب الاعتراف بها، ولكن إلى ماذا يمكن أن تقاس، فهم يقولون إنهم فكرة قرآنية لا تستطيع لمسها بالحواس الخمس?".

ورأى أن "الأهم الآن هو أن تحتكم هذه الجماعة إلى الدستور والقوانين، وربما يقال إننا في مرحلة حوار، وعندما نخرج من الحوار بدستور واستفتاء عليه، بعد ذلك عليهم الاحتكام إلى الدستور كغيرهم من الجماعات الأخرى التي ربما تمتلك ميليشيات أو تستحوذ على أسلحة ثقيلة, وفي اعتقادي أن الحراك الجنوبي أيضا إذا مارس ممارسات من هذا النوع عليه الاحتكام إلى الدستور والقانون".

ودعا السقاف إلى عدم تهويل موضوع التشييع والنظر إلى القضية بحجمها الطبيعي, قائلاً إن "الحوثيين لا يعتبرون أنفسهم متمردين على الدولة، فهم يقولون نحن نحتكم للدولة، ونعترف بالرئيس عبد ربه منصور هادي، ومشاركون في الحوار".

ولم يقتصر التساؤل بشأن "الزي العسكري" على معارضة الحركة، بل امتد إلى مستقلين ومحايدين، وكتب أحد الناشطين في "فيسبوك" يقول: "ظهرت جماعة الحوثي بمواقف وطنية مشرفة أثناء الأزمة بالتزامهم نهج المواطنة بلوغا للمشاركة بالحوار في إطار الوطن اليمني الكبير، وفي ظل الجمهورية اليمنية. ولهذا أصبحوا للناس أقرب من كثير من الحركات الدينية والسياسية"، مضيفا: "اليوم، وفي مراسيم دفن حسين بدر الدين الحوثي [رحمة الله تغشاه]، وجدت مظاهر تثير تساؤلات كنت وجدتني قد حسمتها مع نفسي على الأقل".

وتساءل: "لماذا يتخذ الحوثيون "درك" بميري عسكري وقبعات ورتب عبارة عن "الشعار"؟ ما قصة السجادة الحمراء وحملة الكفن بلباس عسكري رسمي لا يشابه لباس عسكر الجمهورية اليمنية؟ لماذا تعيدون رواية القصة من جديد يا أنصار الله؟ بطريقة جديدة أخرى عن ذي قبل؟"، حسب تعبيره.

زر الذهاب إلى الأعلى